"جواز البنت سُتره"

......
كتبت : أمل محمد




الجدل حول قضايا المرأة ما زال مستمر ولكن دون جدوى ، فمجتمعنا الشرقى يُدرك تماما حقوق المرأه ولكنه ينكرها ويرفض منحها حقوقها ، وبالحديث عن قضايا المرأه فمن أهم هذه القضايا هى قضية "قهر المرأه".
و قهر المرأه مُتمثل فى "حرمانها من التعليم و العمل" وذلك لاعتبار مجتمعنا الشرقى الذكورى بإمتياز المرأه انها اداه مُنتجه لا تُحدد قيمتها بمستوى تعليمها ولكن تُحدد قيمتها بمستوى خصوبة رحمها . كما انه اقتصر التعليم و العمل و التفوق و النبوغ على الرجال و فى حال تفوقت الانثى وتميزت تُسحب منها صفة الانوثه و تنضم لجنس الرجال.
أما عن الزواج المبكر وهو ايضاً من مظاهر قهر المرأه ، فإن له العديد من الاسباب. بعض المجتمعات الزواج المبكر فيها ضمن التقاليد العقيمه التى توارثتها الاجيال ، والبعض الاخر مبررهم لهذا الزواج هو الحفاظ على شرف العائله فمن العار بالنسبةِ لهم ان تظل المرأه عازبه ، و آخرون ينتظرون اول فرصه لزواج ابنتهم ليتخلصو منها فى سن مبكر بسبب فقرهم ، ففى هذه المجتمعات عُذرية الفتاه ترفع من مهرها. تعددت الاسباب و المبررات ولكنها بالطبع غير منطقيه ولا تقف امام خرقهم لحقوق الفتيات ضحايا الزواج المبكر.
وبالنسبه للعنف ضد المرأه وهو من اكثر مظاهر القهر انتشاراً خاصةً فى افريقيا والشرق الاوسط ، فهو جريمه فى حق المرأه يُعاقب عليها القانون ، و ذلك لما يخلفه العنف من آثار بدنيه و جنسيه و نفسيه للمرأه . وعلى المدى البعيد فبعض النساء اللاتى يتعرضن لأى نوع من انواع العنف لا يقوين على العمل ولا على رعاية ابنائهم و يترك هذا اثاراً اجتماعيه و اقتصاديه على المجتمع.
قهر المرأه نراه فى حالات التحرش اللفظى او الجسدى التى لا تسطيع فيه الفتاه حتى مُجرد الرد على من يؤذيها لكونها "فتاه" كل ما تستطيع فعله هو ان تمضى و تتناسى ما حدث لها .
عندما تصبح امنيه هذا الكائن الرقيق الانثوى الذى يمثل اكثر من نصف المجتمع ان تكون رجُلاً هنا نكون قد علمنا تمام العلم مدى ما تعانيه المرأه من قهر.


"جواز البنت سُتره" ، "البنت ملهاش غير بيت جوزها" ، جملتان عقيمتان يلخصان سبب الكارثه التى تتعرض لها الكثير من الفتيات وهى زواج القاصرات ، فى اى شرع او قانون كان زواج الفتاه وهى قاصر غير ناضجه سُتره؟ ، من اقر ان الفتاه ليس لها سوى بيت زوجها؟ ، من اقتصر الفتاه على بيت الزوج؟ .



فى الخمس اعوام السابقه لعام ٢٠٠٨ قبل صدور قانون الطفل رقم ١٢٦ والذى ينص على ان من هو دون الثامنة عشر يعتبر طفلاً ، انتشر زواج القاصرات واصبح كالأمر الطبيعى ولا يواجه الاهالى الذين يلقون ببناتهم فى هذه النيران اى مشكله عند زواجهم . الآن و بعد اصدار هذا القانون هل تخلصنا من هذه الظاهره؟ .


على سبيل المثال محافظة الفيوم تصل نسبة زواج القاصرات فيها الى ٧٧٪ ، و تجد ٤٨٪ منهم من سن ١٢ الى ١٤ عام و ٤٢٪ من سن ١٥ الى ١٧ عام ، وبنسبة ٥٥٪ يحدث هذا الزواج بالاتفاق مع المأذون اما بإعطاءه مبلغ من المال اما بسبب قرابته او صداقته لوالد القاصر ، او بكتابة عقد عرفى عند المأذون و يكتب اهل العريس العروس شيكاً للمأذون بمبلغ من المال و تقطع هذه الاوراق فور وصول ا، و ٤٥٪ منها يحدث عن طريق الذهاب لطبيب و الحصول منه على شهاده تفيد صلاحية الفتاه للزواج وهو ما يسمى "التسنين" .


هذا الحال فى كل المحافظات و لكن فى هذه المحافظه بالتحديد الامر يختلف ، فا فيها انت لست مضطر للبحث عن القاصرات اللاتى يتعرضن لهذه المأساه ، فا تو نزولك للشارع ترى هذه الظاهره كملمح من ملامح الحياه فيها .


اما عن الصعيد عموماً ، فإن ٧ من كل ١٠ زوجات تزوجت قبل ان تبلغ ١٨ عام ، و حوالى ٨٥٪ من الأُسر تحت خط الفقر ، و يدفع ثمن هذا الفقر فتيات لا يتجاوزون العاشره ، عن طريق الزج بهم فى زواج بمقابل مادى يقبله رب الاسره على نفسه حتى ولو كان الثمن هو صحة و سعادة و مستقبل ابنته .


و بالوصول الى بعض القاصرات اللاتى اضطُرِرن رغماً عن ارادتهم الى القبول بهذا الزواج ، نجد اميره التى تبلغ من العُمر ١٨ عام تروى مأساتها فى هذا الزواج قائله ان والدها اجبرها منذ ٦ سنوات على الزواج من ابن صديق له كان يبلغ من العمر وقتها ٣٥ عام ، و كانت طرق اقناعه للطفله هى ان الزوج سيأتى لها بكل ما تريد ويأخذها معه الى كل مكان ، و لم يكن عقلها ليستوعب ما هو اكثر من ذلك فوافقت رغبة منها فى ان ترتدى زى العروس كما ترى اقاربها فى يوم زفافهم ، و قالت ان يوم الزفاف وما حدث فيه بمثابة كابوس لها حتى الآن ، وبعد ثلاثة شهور بدأت الفتاه تفقد قدرتها على تحمل مسئولية المنزل و بدأت والدة الزوج بضرب و سب الفتاه بسبب تقصيرها ، فقدت الفتاه وعيها فى مره من مرات ضرب الام لها لتفيق وتسمع صوت الطبيب يخبرهم بحملها ، وتمر تسعة شهور تعانى فيها ام الطفله لتحملها مسئولية ابنتها و منزلها خوفاً منها عليها ، ليأتى يوم الوضع الذى اصيبت فيه بنزيف شديد كان سيؤدى الى انفجار الرحم وذلك لصعف قدرة عضلاتها على اخراج الجنين مما يؤدى لإختناق الجنين و موته ، ولم يمر ثلاثة ايام حتى طلقها زوجها ، و تقول انا الان فى الثامنة عشر من عمرى و احمل لقب مُطلقه "ظلمونى حسبى الله ونعم الوكيل" .


اما عن محافظة الشرقيه فكانت الضحيه هى المتوفيه "خلود" ، تقول والدة خلود ان والدها توفى وهى تبلغ عامان فقط من العمر وكان لها اخ يكبُرها بعام واحد فقط ، فإضطررت للعمل حتى استطاع الفتى الذهاب الى ورشه للعمل بها ، وتو وصول خلود للخامسة عشر قررت ان ازوجها لأول عريس يأتى وكان صديق اخوها الذى يتردد على الورشه كثيرا هو الأول ، وافقت و لم تستمر الخطبه اكثر من شهرين و لكنى لم استطع ان اخبرها بما يجب ان تفعله كى لا تخاف ، و بمجرد ان أُغلق الباب عليهما وهى لا تفهم شىء قام بضربها بشظه على رأسها لتخضع له ولكنها اصيبت بنزيف فى المخ ادى الى وفاتها فى التو ، وتابعت قائله "خلود توفت نتيجة طمعى وانا نادمه على ما فعلت" .


اذا القينا نظره على سبب هذه المأساه نجدها فى اعتقاد الأهل ان زواج الفتاه فى سن صغير يحميها من الوقوع فى الخطأ عند البلوغ ، و اعتقاد من الزوج ان الزواج من فتاه صغيره تُربى على يده على اهدار حقوقها و ان الفتاه لبيت زوجها افضل من الزواج من فتاه بالغه راشده عاقله يعانى من اجل اقناعها بأن هذه الحقوق ليست بين الزوج و زوجته ، فى الحالتين السبب هو نقص الثقافه سواء لدى الاهل او الزوج ، و يودى بالاثنين فى نهاية الامر الى الندم على فعلتهم .


لكن الندم على ما مضى لن يفيد بشىء ولن يعيد الزمن ولا المفقود ، يجب ان نجتاز مرحلة الندم و نبدأ بأخذ خُطوات ايجابيه ، حملات التوعيه يجب ان تقوم بدورها على اكمل وجه و تنتشر فى كل القرى و المحافظات ، المدارس هى طوق النجاه الذى سينقذنا من الغرق فى هذه الكارثه يجب ان تخصص وقتاً لمناقشة مثل هذه القضايا لنشر الثقافه و التوعيه ، ايضاً على المدى البعيد تحسين الوضع الاقتصادى سيؤثر بشكل كبير على المستوى الثقافى للكثير ، فتحسينه سيؤدى الى اتاحة الفرصه للتعليم و من التعليم تأتى الثقافه.

شارك الموضوع

إقرأ أيضًا

1 التعليقات:

التعليقات